الدرس 1: الوسط الطبيعي بالمغرب العربي المزايا والضغوطات

مقدمة المحور:


خريطة المغرب العربي موقعه وحدوده ودوله وعواصمها

يمتد المغرب العربي شمال القارة الإفريقية وغرب العالم العربي وهو يتكون من 5 دول ليبيا وتونس والجزائر والمغرب الأقصى وموريتانيا وقد مثل وحدة جغرافية تربط بين الحوض الغربي للمتوسط ومن ورائه القارة الأوروبية من جهة والصحراء الكبرى الإفريقية من جهة ثانية. لقد تقاسمت دوله عبر الفترات التاريخية تدخلات شمالية أو شرقية كان لها أثر واضح في نسيجها الحضاري لعل أبرزها تأثير الحضارة العربية الاسلامية. ومنذ 17 فيفري 1989 نشأ الإتحاد المغاربي الذي أسس لوحدته السياسية والاقتصادية.

فما هي الخصائص الطبيعية للمغرب العربي والموارد الطبيعية التي تتوفر فيه؟ وما هي خصائصه السكانية ومظاهر التنمية الاقتصادية فيه؟



مقدمة الدّرس:

إن للمغرب العربي خصائص طبيعية تميزه عن كل محيطه تضاريسيا ومناخيا ونباتيا إلى جانب موارده الباطنية.ولئن توفرت في الموارد الطبيعية للمغرب العربي العديد من المزايا فإنها لا تخلو من بعض النقائص أو الضغوطات. فما هي مزايا الوسط الطبيعي للمغرب العربي؟ وما هي الضغوطات الطبيعية التي يخضع لها؟

I- مزايا الوسط الطبيعي للمغرب العربي:

1. مجال جغرافي ممتد:

- يمتد المغرب العربي على 6 ملايين كم2 وهو ما يمثل 20 % من مساحة القارة الإفريقية و43 % من مساحة العالم العربي و60 % من مساحة القارة الأوروبية.

- تتوزع مساحة المغرب العربي على 5 دول فقط أكبرها مساحة الجزائر 2.38 مليون كم2 ثم تليها ليبيا 1.76 مليون كم2 ثم موريتانيا 1.03 مليون كم2 أما المغرب الأقصى فمساحته باعتبار الصحراء الغربية 0.71 مليون كم2 وأصغر دول المغرب العربي تونس بمساحة 0.163 مليون كم2 .

احتكار 3 دول لخمسة ملايين كم2 أي أكثر من 80 % من مساحة المغرب العربي.

2. موقع تتعدّد فيه المزايا:

- يمتد المغرب العربي بين 15° و 37° شمال خط الاستواء ولئن منعت القارية توفر مناخ شبه مداري رطب في الجنوب حيث تهب على المنطقة رياح الشهيلي شديدة الجفاف والحرارة فإن شمال المغرب العربي يتلقى تأثيرات هوائية رطبة غالبا ما تكون شمالية غربية تجعل قمم الجبال مكسوة بالثلوج في فصل الشتاء وبصفة عامة يهيمن المناخ المتوسطي على السواحل الشمالية للمغرب العربي ولا تختلف الوضعية كثيرا على السواحل الأطلسية للمغرب الأقصى حيث تتساقط الأمطار بكميات أوفر على المرتفعات الأطلسية .أما من الجنوب فإن المغرب العربي منفتح على العديد من الدول الصحراوية مثل مالي والنيجر والتشاد إلى جانب السنيغال والسودان وإن تراجعت نسبة الصحراء فيهما.

تعتبر العديد من الشركات الأوروبية المغرب العربي بوابة إفريقيا جنوب الصحراء.


خريطة مناخ المغرب العربي

- امتداد السواحل المتوسطية من طبرق في ليبيا إلى طنجة في المغرب الأقصى على 5246 كم ومن طنجة إلى أقصى جنوب موريتانيا تمتد السواحل الأطلسية على 2200 كم.

انفتاح 7446 كم من حدود المغرب العربي أي حوالي نصفها على البحر أو المحيط وإذا كان المحيط بعيدا عن أوروبا فإن البحر المتوسط كان ولا زال يمثل همزة الوصل بين المغرب العربي والقارة الأوروبية خاصة أن مضيقي صقلية وجبل طارق يساهمان كثيرا في تسهيل هذه العلاقة منذ أقدم العصور.

- أما الموقع بالنسبة لخط غرينيتش فيمتد المغرب العربي بين خطي الطول 17° و 25° شرق خط غرينيتش وهو موقع يسهل كثيرا المعاملات الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية مع الدول الأوروبية بحكم الاختلاف الطفيف في التوقيت بينهما.

3. ثروات طبيعية وباطنية هامة:

- أهمية دور الجبال على عدة مستويات:

  • • فهي تمثل خزانات مائية هامة تغذي الأودية بمياه ذوبان الثلوج على سفوحها العالية على الأطلس الكبير والأطلس الأوسط والأطلس الصغير في المغرب الأقصى كما لهذه الثروة المائية أثر إيجابي على الغطاء النباتي الذي يتكون من الغابات المتنوعة حسب مستوى الارتفاع.
  • • كما تحتوي أغلب المرتفعات على ثروات منجمية متنوعة بعضها شرع في استغلالها منذ الفترة الاستعمارية مثل الحديد في الجزائر وتونس وموريتانيا والفسفاط في تونس والمغرب الأقصى.
  • • وقد استقر العديد من سكان المغرب العربي في المرتفعات منذ العهد الروماني واتخذوها ملاجئ كذلك في الفترة الاسلامية وفي فترة الاستعمار.
  • • بل إن بعض المرتفعات التي تكسوها الثلوج في الشتاء تصبح وجهة محبذة للسياح من الداخل أو من خارج دول المغرب العربي فقد أصبحت السياحة البيئية رائجة كثيرا في السنوات الأخيرة وهي ما فتأت تبرز جمال الطبيعة في بلدان المغرب العربي.

- تعدد مزايا الصحراء:

  • • ثراؤها بالنفط والغاز الطبيعي خاصة في الجزائر وليبيا.
  • • مخزون هام من المياه الأحفورية تم استغلاله بكثافة في الجزائر وليبيا على مستوى الواحات بل إن ليبيا عمقت استغلالها لهذه الثروة بتوجيه جزء منها إلى المناطق الشمالية وحتى الساحلية عبر مشروع النهر الصناعي العظيم.
  • • الاقبال على السياحة الصحراوية لأسباب طبيعية مدعومة بأسباب تاريخية لتوفر بعض المواقع التاريخية الهامة لواحات قديمة.

- امتداد الشواطئ التي غالبا ما تكون رملية من سواحل ليبيا إلى سواحل موريتانيا أي أكثر من 7 آلاف كم وهي تستقطب السياح خاصة من الأوروبيين وقد كثفت كل من تونس والمغرب الأقصى استغلالهما لهذا المورد الطبيعي منذ استقلالهما فساهم ذلك في تنشيط عدة قطاعات اقتصادية أخرى.

II- ضغوطات الوسط الطبيعي للمغرب العربي:

1. عدم انتظام التساقطات وتراجع كبير للغطاء النباتي:

- تتميز التساقطات في بلدان المغرب العربي بعدم انتظامها حتى في المناطق التي يتجاوز معدل كميات الأمطار 400 مم / السنة. كما أنها تتميز بعنفها فهي غالبا ما تكون على شكل زخات قوية تسجل خلالها كميات قد تتجاوز المعدل الشهري وأحيانا السنوي وقد تتسبب في كوارث مثلما حدث في الوسط التونسي في سبتمبر سنة 1969 أو في منطقة الوطن القبلي أيضا في تونس في أكتوبر سنة 1918 أو في درنة الليبية في سبتمبر 1923 حيث جرفت الفيضانات آلاف الضحايا.

- منذ العهد الروماني بدأ الغطاء النباتي لمنطقة المغرب العربي في التراجع وقد تواصل هذا التراجع للغطاء الغابي نتيجة توسع الأراضي الفلاحية على حساب الغابات أما في مناطق السباسب فإن الرعي العشوائي مع قلة الأمطار إلى جانب سوء استغلال بعض النباتات السباسبية مثل الحلفاء زاد في تقلص الغطاء النباتي الطبيعي.ومع الجفاف المهيمن على 80 % من مساحة المغرب العربي فإن الغطاء النباتي يكاد ينعدم والأخطر من ذلك التهديد الدائم للمناطق المتاخمة للصحراء بالتصحر بل إن بعض المناطق البعيدة عن الصحراء قد تعاني من هذا المشكل إذا كانت تربتها رملية خفيفة وتتم حراثتها بعمق مثلما حدث مع غابة الزيتون بصفاقس في فترات سابقة.

2. دور سلبي لبعض المرتفعات:


خريطة تضاريس المغرب العربي

- تمثل السّلاسل الجبلية الأطلسية حاجزا أمام الكتل الهوائية الرطبة التي تفرغ حمولتها من الأمطار على السفح المقابل لها في حين تبقى السفوح الخلفية جافة أو قليلة الرطوبة.

- كما أن للمرتفعات الشمالية دورا سلبيا على مستوى الحركة بين شمال وجنوب المغرب العربي ذلك أن اتجاه السلاسل وامتدادها على كامل المنطقة الشمالية بدء بسلاسل الأطلس الكبير(التي نجد فيها قمة المغرب العربي جبل توبقال 4165 م) والأطلس الأوسط والأطلس الصغير في المغرب الأقصى ومرورا بالأطلس الصحراوي في الجزائر ووصولا إلى سلسلة الظهرية في البلاد التونسية وهي أقل السلاسل ارتفاعا لكنها تعرقل الحركة بين الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب ونجد نفس هذه الوضعية في الجزائر وفي المغرب الأقصى.

- إن أغلب السلاسل الجبلية والتلال في الشمال تصل إلى البحر أو المحيط وهو ما يجعلها تضغط على السهول فتجعلها ضيقة على كامل السواحل المغربية الشمالية وباعتبار تلك المناطق تتلقى غالبا أكثر من 400 مم من الأمطار سنويا فإنها قد تجد صعوبة في صرف الفائض منها خلال فصل الشتاء وفي المقابل تزداد السهول اتساعا على السواحل الجنوبية لتونس وكذلك سواحل ليبيا ونفس الشيء السواحل الجنوبية للمغرب الأقصى وسواحل موريتانيا إلا أن كميات الأمطار التي تتلقاها هذه السهول محدودة جدا أقل من 200 مم سنويا.

3. شمال المغرب العربي منطقة زلازل:

تمثل المنطقة الشمالية للمغرب العربي منطقة احتكاك بين الصفيحة الأوراسية والصفيحة الإفريقية مما يجعلها منطقة زلازل مثل زلزال أغادير في المغرب الأقصى سنة 1960 وزلزال الأصنام في الجزائر سنة 1980 وآخرها الزلزال الذي ضرب الحوز بجهة مراكش في المغرب الأقصى في سبتمبر سنة 2023 وتسبب في وفاة حوالي 3 آلاف ضحية.

تعدد الضغوطات الطبيعية وتنوعها.

الخاتمة :

إن المغرب العربي من المناطق الجغرافية الممتدة التي تتمتع بعديد المزايا الطبيعية إلا أن بعض الضغوطات تفرض نفسها بصفة دائمة أو مؤقتة. فهل تكون هذه الضغوطات عائقا أمام استغلال الموارد الطبيعية للمنطقة؟


دروس التاريخ

- الدرس 1: الحرب العالمية الأولى الأسباب وأبرز النتائج


- الدرس 2: الحركة الوطنية التونسية في العشرينات


- الدرس 3: الحركة الوطنية التونسية في الثلاثينات


- الدرس 4: أسباب الحرب العالمية الثانية


- الدرس 5: نتائج الحرب العالمية الثانية


- الدرس 6: الحرب الباردة


- الدرس 7: تحرر الشعوب المستعمرة


- الدرس 8: القضية الفلسطينية


- الدرس 9: الحركة الوطنية التونسية من 1945 إلى 1956


- الدرس 10: تونس من 1956 إلى 1987


- الدرس 11: الحركة الوطنية الجزائرية


- الدرس 12: الحركة الوطنية المغربية


- الدرس 13: الحركة الوطنية الليبية