المقدمة:

بعد انتصارات ساحقة للقوات الألمانية في أوروبا والقوات اليابانية في المحيط الهادي وآسيا الشرقية تواصلت إلى بداية 1942 حيث اتسع مجال هيمنة قوات المحور وبدأت تحصد الهزائم المتوالية إلى أن استسلمت روما في 4 جوان 1944 وألمانيا في 8 ماي 1945 واليابان في 19 أوت 1945 وبذلك دامت الحرب العالمية الثانية 6 سنوات. فما هي نتائج هذه الحرب؟

I- جسامة الخسائر البشرية والمادية:

1. خسائر بشرية ضخمة:

- قدرت الخسائر البشرية بين 50 و55 مليون قتيل أكثر من نصفهم مدنيون.

- تتوزع هذه الخسائر بتفاوت بين الدول المتحاربة:

• فعلى مستوى الجيوش خسر الاتحاد السوفياتي أكبر عدد من المقاتلين 7.5 مليون مقاتل تليه ألمانيا 3.850 مليون ثم اليابان 1.220 مليون وبقية الدول ساهمت كل منها بأقل من 500 ألف قتيل.

• وعلى مستوى المدنيين كانت أكبر الخسائر البشرية أيضا سوفياتية بتسجيلها 10 ملايين ضحية مدنية تلته بولونيا 5.5 مليون ضحية وألمانيا 3.810 مليون ضحية ويوغسلافيا 1.4 مليون ضحية واليابان 700 ألف ضحية وفي المقابل سلم الأمريكيون المدنيون من عناء هذه الحرب.

- كان القصف الجوي الأكثر فتكا بالمدنيين( طوكيو 185 ألف ودريسدن 135 ألف وبرلين 50 ألف ) وخاصة باستعمال القنبلة النووية في مناسبتين في هيروشيما حيث قتل 80 ألف ياباني و في ناغازاكي حيث قتل 40 ألف فقد كثف الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية القصف الجويي العشوائي للتسريع في استسلام دول المحور.

- كما خلفت الحرب عددا كبيرا من المعوقين قدر بـ 30 مليون أغلبهم أوروبيون.

2. خسائر مادية هائلة:

- تعددت وسائل التّدمير البريّة والبحريّة والجويّة وكانت أكثر تطوّرا تقنيّا وأكثر فتكا.

- استهدفت المدن بالقصف الجوي مثل المدن البريطانية والمدن السوفياتية التي دمرتها المقاتلات الجويّة الألمانيّة والقصف الانتقامي للمدن الألمانية من قبل قوات الحلفاء قبيل استسلام ألمانيا واستهداف مدينتي هيروشيما وناغازاكي بقنبلتين نوويّتين.

- استهدفت البنية التّحتيّة لإعاقة التحرّكات العسكريّة البريّة فدمّرت الطّرقات والجسور والسكك الحديديّة والمواني وعديد المرافق الحيويّة داخل المدن وخارجها.

- كما استهدفت عديد المناطق التي وقعت فيها معارك بين قوّات المحور وقوّات الحلفاء خاصة في أوروبا مما أثّر سلبا على الانتاج.

II- انهيار الاقتصاد الأوروبي وبروز الولايات المتحدة الأمريكية:

1. انهيار الاقتصاد الأوروبي:

- شمل هذا الانهيار القطاعين المنتجين الفلاحي والصّناعي بسبب المعارك والاحتماء بالملاجئ وانهيار منظومة الانتاج رغم محاولة تشغيل النساء والأطفال حتى في قطاعات صناعة الأسلحة.

- أثّر انهيار الانتاج سلبا على المبادلات التّجارية الأوروبيّة ففي حين تضاعف عجز الميزان التجاري الفرنسي 3 مرات نجد الأسطول البريطاني يتقلص إلى النّصف.

- ارتفاع قيمة الديون الخارجية للدول المتحاربة الأوروبية بتضاعف قيمة الدين العمومي 3 مرات في بريطانيا و4 مرات في فرنسا و7 مرات في ألمانيا بين 1939 و1945.

كان الاقتصاد الأوروبي في حالة انهيار شامل عند نهاية الحرب ولم يكن قادرا على إعادة بناء نفسه دون مساعدة خارجية.

2. بروز الولايات المتحدة الأمريكية:

- كانت أكثر الدّول استفادة من انهيار الاقتصاد الأوروبي فقد استغلته للتخلص من آثار الأزمة الاقتصادية التي انطلقت منها سنة 1929 فقد رفعت في انتاجها الزراعي بنسبة 20 % وانتاجها الصناعي بنسبة 75 % فتجنبت بذلك الأخطاء التي ارتكبتها إثر الحرب العالمية الأولى فأصبحت أول قوة تجارية ومالية (احتكار ثلثي احتياطي الذهب) في العالم.

- كما تدعم اقتصاد بعض الدّول الأخرى مثل كندا التي ركز على صناعة الطيران وإنتاج الألومنيوم والهند التي طورت صناعة النسيج.

III- النتائج السياسية:

1. خريطة جغراسياسية جديدة:

- في أوروبا:

• عادت ألمانيا إلى حدود 1937 مع تقسيمها إلى 4 مناطق نفوذ (بمقتضى ندوة يالطة في فيفري 1945 ) تم تجميع 3 منها تحت تسمية ألمانيا الغربية ذات النظام الرأسمالي عاصمتها بون وهي خاضعة للحلفاء أما المنطقة الرابعة فهي ذات نظام اشتراكي وهي خاضعة للاتحاد السوفياتي وعاصمتها برلين الشرقية وقد قسمت هذه المدينة إلى جزء شرقي وآخر غربي يفصل بينهما جدار فرضه تقدم جبهتي القتال الشرقية السوفياتية والغربية لدول الحلفاء. كما تم ترحيل 10 ملايين ألماني من تشيكوسلوفاكيا والمجر وبولونيا.

• وقوع أوروبا الغربيّة تحت الهيمنة الأمريكية وأوروبا الشّرقيّة تحت الهيمنة السّوفياتية.

• توسّع الاتّحاد السّوفياتي على حساب الدّول المجاورة بولونيا وفنلندا وبروسيا الشّرقية وغيرها.

• فقدت إيطاليا بعض المناطق لفائدة يوغسلافيا وفرنسا واليونان.

• تغيّر حدود بولونيا بامتداد ترابها على حساب ألمانيا تعويضا لها على المناطق التي استولى عليها الاتّحاد السّوفياتي، وقد تم ترحيل مليوني بولوني منها.

- في بقية العالم:

• استقلال أثيوبيا وارتريا وليبيا والصومال التي كانت تحت الوصاية الإيطالية.

• خسر اليابان جزر كوريل والجزء الجنوبي من جزيرة ساخالين لفائدة الاتحاد السوفياتي.

• استعادة فرنسا وانقلترا وهولاندا لمستعمراتها الآسياوية.

2. انشاء منظمة الأمم المتحدة:

- تم الاتفاق على انشاء منظمة أممية جديدة من قبل التّحالف الثلاثي خلال ندوة يالطا في فيفري 1945.

- خلال مؤتمر سان فرانسيسكو في 26 جوان 1945، تمّ اعلان ميثاق الأمم المتّحدة الذي وقعته 15 دولة.

- تتولى هذه المنظّمة حفظ الأمن العالمي وضمان الحقوق الأساسية للإنسان مع عدم التدخل في الشّؤون الدّاخليّة للدّول الأعضاء.

- وتتكون هذه المنظّمة من جمعيّة عامة تنتخب مجلس الأمن وهو أبرز جهاز تنفيذي في المنظّمة وهي تعين وتراقب محكمة العدل الدوليّة.

- وتملك هذه المنظمة قوّات حفظ السّلم تضعها على ذمّتها الدّول الأعضاء.

- كما تملك مجالس ذات وظائف محددة مثل مجلس الوصاية الذي يراقب إدارة المناطق المستعمرة والمجلس الاقتصادي واجتماعي الذي يعين ويراقب مختلف المؤسسات المختصة منها منظمة الأغذية والزّراعة (فاو) ومنظمة الصّحّة العالميّة والمنظمة الدّوليّة للشغل ومنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والثّقافة والعلوم (اليونسكـو) والمنظمة العالميّة لحماية الطفولة (اليونيسف) والبنك الدّولي وصندوق النّقد الدّولي والاتفاقية العامة للتعريفة الجمركيّة والتجارة (الجات).

الخاتمة :

رغم الآثار الوخيمة للحرب العالمية الثانية فقد أعطت منظمة الأمم المتحدة الأمل للعديد من الشعوب. فإلى أي حد ساعدت هذه المنظمة على استقلال الشعوب المستعمرة؟