الدرس 7: تحرّر الشّعوب المستعمَرة

المقدمة:

انتجت الحرب العالمية الثانية ظروفا جديدة استغلتها العديد من الشعوب المستعمٙرة للمطالبة باستقلالها فما هي هذه الظروف الجديدة؟ وما هي الأساليب التي انتهجتها هذه الشعوب لتحصل على استقلالها؟

I- ظروف جديدة محليا وعالميا:

1. الظروف المحلية:

- تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المستعمرات فقد لجأت الدول المستعمرة مثل فرنسا وبريطانيا إلى تكثيف استغلال الثروات المتوفرة في مستعمراتها لتلبية حاجيات إعادة بناء اقتصادها الذي دمرته الحرب فشجعت المعمرين والمستثمرين الأوروبيين على التركيز على المشاريع التي تمكنها من تحقيق هذه السياسة وفي المقابل أهملت العناية بأهالي البلاد المستغلة فانتشرت البطالة وما ينتج عنها من فقر وخصاصة مما ولد السخط والنقمة على المستعمر وكل الأطراف التي تعمل لفائدته.

- توفر نخب مثقفة حاملة ومتبنية لهموم شعوبها وواعية بحقها في التمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها المستعمر اقتصادية كانت أو اجتماعية وقد بلغت بعض النخب المثقفة مستوى من الوعي السياسي جعلها تطالب باستقلالها مثلما حدث مع النخبة المثقفة في تونس خلال فترة ما بين الحربين باعتبار مبدأ "حق الشعوب في تقرير المصير" كان وليد الحرب العالمية الأولى. وقد تمسكت هذه النخب بعد الحرب العالمية الثانية بالمطلب الرئيسي وهو منحها استقلالها وحريتها في تقرير مصيرها.

2. الظروف العالمية:

- فقدان الدول الاستعمارية لهيبتها خلال الحرب وبعدها ففرنسا التي تستعمر جزءا كبيرا من القارة الإفريقية تجد نفسها في بداية الحرب مستعمرة من قبل ألمانيا واليابان يستولي على مستعمرتها في الهند الصينية مثلما استولى على كل مستعمرات الدول الأوروبية في جنوب شرقي آسيا. لقد أقنعت هذه الوضعية الشعوب المستعمرة بأن شوكة الدول التي تستعمرها قد كسرت بما أنها ذاقت ويلات الاستعمار الذي تفرضه عليها.

- رغم الخلاف الايديولوجي بين الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية فإن كلاهما يساندان حركات التحرر في العالم ويطالبان بتحرير الشعوب المستعمرة وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية سباقة في ذلك منذ تقديمها لبنود ولسن في مؤتمر الصلح في باريس سنة 1919 والتي منها حق الشعوب في تقرير المصير أي قبل نشأة الإتحاد السوفياتي.

- حرص منظمة الأمم المتحدة على اقناع الدول الأعضاء فيها على التخلي عن المناطق التي تطالب بالتحرر من الاستعمار وأن تمكنها من حقها في تقرير مصيرها مثلما ينص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة.

- مساندة الدول المستقلة حديثا الآسيوية والإفريقية والتي اعتبرت نفسها من دول العالم الثالث مثل الهند وإندونيسيا ومصر لحركات التحرر في العالم مثلما حدث في مؤتمر باندونغ في أفريل 1955 وهي مساندة مبدئية على أساس أن الاستعمار هو "خرق لحقوق الانسان الأساسية".

كل هذه الظروف أعطت للشعوب التي لا تزال مستعمرة دفعا قويا للتمسك بحقها في الاستقلال وتقديم التضحيات من أجل ذلك.

II- موجة استقلال الشعوب المستعمرة:

1. أساليب التحرر من الاستعمار:

- النضال السياسي السلمي اعتمدته بعض الدول مثل الهند فالزعيم غاندي يرى أن" النار تطفأ بالماء " لذلك لجأ الهنود إلى مقاطعة البضائع البريطانية مثلما أنهم ذكروا بريطانيا أنها جندت مليون هندي في حربها ضد ألمانيا وتوجه الهنود الى الأمم المتحدة للمطالبة باستقلالهم ولم ترى بريطانيا مانعا من ذلك خاصة أنها أنشأت منظمة قابلة لاحتواء المستعمرات التي ستحصل على استقلالها وهي منظمة الكومنولث كما أن غانا تعتبر مثالا للدول الإفريقية التي انتهجت الأسلوب السياسي للمطالبة باستقلالها.

- النضال السياسي المدعوم بتحركات عسكرية محدودة مثلما هي الوضعية في تونس حيث تتولى مجموعات محدودة (الفلاقة) دعم السياسيين للضغط على السلط الاستعمارية الفرنسية. كما كان للتحركات العمالية أثر مباشر على ارباك المصالح الاقتصادية للسلطة الاستعمارية وقد لجأت السلط الاستعمارية إلى اغتيال العديد من الزعماء السياسيين والنقابيين.

- ويبدو أن الاستعمار الفرنسي كان أكثر تصلبا من الاستعمار البريطاني في بعض البلدان مثل الجزائر بحكم خضوعها للاستعمار المباشر منذ أكثر من قرن فتم اعلان الكفاح المسلح في 1/11/ 1954 الذي تواصل إلى منتصف 1961 حيث بدأت مفاوضات الاستقلال. وقد سلكت فرنسا نفس هذه السياسة في الفيتنام فكانت هزيمتها في معركة ديان بيان فو حاسمة للقبول باستقلال هذا البلد الآسيوي.

2. خريطة موجة استقلال الشعوب المستعمرة:


خريطة موجة استقلال الشعوب المستعمرة

- انطلقت موجة استقلال الشعوب المستعمرة مباشرة إثر الحرب العالمية الثانية من آسيا حيث تحصلت أغلب المستعمرات على استقلالها بين 1947 و1955 مثال الهند سنة 1947 وإندونيسيا سنة 1949 وفيتنام سنة 1954.

- انتقلت موجة استقلال الشعوب المستعمرة إلى افريقيا حيث شهدت أوجها بين 1956 و 1960 فقد استقلت في هذه الفترة السودان والمغرب وتونس منذ 1956 وتواصلت إلى 1965 حيث استقلت أغلب الدول الإفريقية الصحراوية والاستوائية إلى جانب الجزائر.

الخاتمة :

لقد تفاوتت أساليب النضال لتحقيق الاستقلال من بلد إلى آخر حسب الأوضاع في المستعمرة ووضعيتها وطبيعة الاستعمار فيها فتفاوتت معها التضحيات المقدمة مثلما تفاوتت معها علاقة الدولة المستقلة بالدولة التي كانت تستعمرها. ولقد تأخر استقلال بعض الدول إلى 1975 مثل أنغولا إلا أن شعبا لازال يعاني إلى اليوم من قهر كيان صهيوني. فما الأسباب التي حرمت الفلسطينيين من الحصول على استقلالهم؟


دروس الجغرافيا

- الدرس 1: الوسط الطّبيعي بالمغرب العربي المزايا والضغوطات


- الدرس 2: الموارد الطّبيعيّة بالمغرب العربي


- الدرس 3: السكان والتنمية البشرية بالمغرب العربي


- الدرس 4: التنمية الاقتصادية بالمغرب العربي


- الدرس 5 : السكّان بالبلاد التونسيّة


- الدرس 6: التنمية الفلاحيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 7: التنمية الصناعيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 8: التنمية السّياحيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 9: تنمية التجارة الخارجيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 10: حصيلة التنمية بالبلاد التونسية