الدرس 2: الموارد الطّبيعيّة بالمغرب العربي

المقدّمة:

تتنوع الموارد الطبيعية لبلدان المغرب العربي فمنها الموارد الطاقية ومنها الموارد المنجمية ومنها الموارد المائية وهي تتوزع بتفاوت بين دوله. فكيف تتوزع هذه الموارد بين دول المغرب العربي؟ وإلى أي حد تساهم في تنمية بلدانها؟

I- الموارد الطاقية ومكانتها في اقتصاد دول المغرب العربي:

1. موارد طاقية هامة في الجزائر وليبيا:

- تتركز الموارد الطاقية للمغرب العربي في نصفه الشرقي من سواحله إلى صحرائه.


توزّع حقول النفط والغاز الطّبيعي في المغرب العربي

- وتتوزع موارد بلدانه الثلاثة كما يلي:

  • • احتياطي هام من الغاز الطبيعي سنة 2010 بلغ في الجزائر 4502 مليار م3 وفي ليبيا 1539 مليارم3 أما في تونس فهو محدود جدا 1.5 مليار م3.
  • • احتياطي هام من النفط في ليبيا قدر سنة 2023 بكمية 48.36 مليار برميل وأقل منه في الجزائر 12 مليار برميل وهو محدود في تونس 1.5 مليار برميل.

2. أهمية قطاع المحروقات في كل من اقتصاد الجزائر وليبيا:

- يمثل قطاع المحروقات ركيزة الاقتصاد الجزائري فهو يوفر حوالي 60 % من مداخيل ميزانية الدولة و 30 % من الناتج الداخلي الخام و 97 % من قيمة الصادرات فمداخيل النفط تمثل المورد الرئيسي للموازنة العامة.

- أما في ليبيا فإن عائدات النفط تمثل 60 % من مداخيل الدولة و94 % من ايرادات العملة الصعبة و30 % من الناتج الداخلي الخام.

3. تفاوت نسب التغطية الطاقية بين دول المغرب العربي:

تتمتع كل من الجزائر وليبيا بنسبة تغطية طاقية عالية فإنتاجها يغطي الحاجيات وتصدر منه كميات هامة نحو أوروبا خاصة أما تونس فنسبة التغطية الطاقية لديها في تراجع وفي أحسن حالاتها تصل إلى نسبة 75 % وتلجأ إلى استيراد بقية حاجياتها دون اعتبار ما تحصل عليه من إتاوة على أنبوب غاز الجزائر الذي يمر عبر التراب التونسي أما المغرب الأقصى وموريتانيا فنسبة التغطية الطاقية فيهما محدودة جدا لذلك فإنهما يعتمدان بصفة كلية تقريبا على المحروقات المستوردة.

4. بوادر التّوجّه للطّاقات البديلة:

- تنتج السدود المغاربية الهامة الطاقة الكهرومائية لكن الكميات المنتجة تبقى محدودة ولا تستخدم في مجالات استخدام المحروقات مثل النقل.

- كما أن هبوب الرياح الشمالية الغربية يمكن من توليد الطاقة الهوائية في عديد المناطق التونسية والجزائرية والمغربية (1553 ميغاواط).

- أما أكثر طاقة بديلة متجددة واعدة فهي الطاقة الشمسية التي انتشر استعمالها في بلدان المغرب على مستوى الاستهلاك المنزلي والإنارة العمومية.

بحكم نقص مواردهما من المحروقات وتوفر الظروف الملائمة فإن كلا من المغرب الأقصى وتونس تنوعان كثيرا مصادر طاقتهما أكثر من بقية دول المغرب العربي.

II- الموارد المنجمية وأهميتها خاصة في الدول المغاربية غير النفطية:

1. تنوع الانتاج المنجمي:


خريطة تضاريس المغرب العربي

باستثناء ليبيا التي لم تركز بعد على استغلال ثرواتها المنجمية فإن بقية دول المغرب العربي تتوفر فيها عدة موارد منجمية بصدد الاستغلال فالحديد والفسفاط يستخرجان في الدول الأربعة في حين يقل النحاس في تونس ولا يتوفر الزنك والرصاص في موريتانيا.

وقد وفرت صادرات المغرب الأقصى من الثروات المعدنية سنة 2013، 17.7 مليار دولار من بين هذه المعادن الفضة والحديد والرصاص والزنك والكوبالت والنحاس وغيرها.

2. أهمية انتاج الحديد والفسفاط في أغلب دول المغرب العربي:

- شرع في استغلال مناجم الحديد في دول المغرب منذ العهد الاستعماري فكانت مناجم حديد الجزائر تزود مصانع الفولاذ الفرنسية بحاجياتها منها. تواصل استغلال مناجم الحديد بعد استقلال دول المغرب إلا أن مردودها إما تراجع مثلما حدث في تونس أو أنه مخصص للتصدير مثلما يحدث في موريتانيا التي توفر 13.7 مليون طن من الحديد الخام يصدر كليا فهو يمثل 40 % من مجموع قيمة الصادرات ولقد حرصت الجزائر على مواصلة استغلال مناجم الحديد وتزويد مصانعها منها وتحقيق اكتفائها من الحديد والصلب منذ سنة 2022 بعد أن كانت تستورد جزء من حاجياتها. أما المغرب الأقصى وتونس فإنهما يجدان صعوبة في تزويد مصانع الفولاذ بالحديد الخام ويكتفيان بصهر الخردة التي يتم تجميعها لتلبية حاجيات السوق الداخلية من أسلاك وحديد البناء.

- أما الفسفاط فهو أيضا شرع في استغلاله منذ العهد الاستعماري ويعتبر المغرب الأقصى وتونس من أكبر المنتجين له من بين دول المغرب العربي وحتى على المستوى العالمي ولئن حافظ المغرب الأقصى على نسق انتاجه من هذه المادة المنجمية أكثر من 20 مليون طن سنويا فتتجاوز صادراته من الفسفاط 40 % من مجموع الصادرات العالمية منه فحافظ على أسواقه العالمية فإن تونس تعرضت لصعوبات كبيرة ولم تتمكن من الحفاظ على نسق انتاجها الذي تجاوز في بداية الألفية الثالثة 8 ملايين طن لكنه تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة وفقدت تونس أسواقها التي كانت تحصل منها على ما يمثل أكثر من ربع الصادرات العالمية منه.

رغم أهمية قطاع المناجم ودوره في تجهيز البلاد فإن عديد العوائق لا زالت تعترضه وتعيق استفادة البلاد منه.

III- الموارد المائية بالمغرب العربي وطرق تعبئتها:

1. الموارد المائية بالمغرب العربي:


خريطة الموارد المائيّة بالمغرب العربي

- الموارد المائية التقليدية المتجددة:

  • • منها السطحية التي يتفاوت توزعها بين دول المغرب العربي ومصدرها الرئيسي التساقطات من الأمطار حيث يتمتع المغرب الأقصى بأوفر الموارد المائية السطحية (19 مليار م3) ثم تليه الجزائر (11 مليار م3 ) ثم موريتانيا ثم تونس فليبيا.
  • • ومنها الجوفية سواء كانت سطحية (يقل عمقها عن 50 م) أو عميقة (يصل عمقها إلى 400 م) وتتمتع الجزائر بأوفر الموارد المائية الجوفية 6.7 مليار م3 يليها المغرب الأقصى 5 مليارات م3 ثم ليبيا 2.5 مليار م3 ثم تونس وموريتانيا بكميات تقل عن 2 مليار م3.

- الموارد المائية غير التقليدية:

تستغل موائد مائية أحفورية تقع على عمق يتراوح بين 800 و2000 م وهي موروثة من فترة قديمة تعود إلى العصر الحجري (أكثر من 10000 سنة) وهي موارد مائية غير متجددة. تتركز هذه الثروة في ليبيا والجزائر وقد كثفت ليبيا استغلالها مستخرجة منها 5.7 مليار م3.

2. طرق تعبئة الموارد المائية بالمغرب العربي:

- بناء السدود يمثل الطريقة المثلى لتجميع مياه سيلان الأمطار وتتركز أغلب السدود في المناطق الشمالية للمغرب العربي وخاصة المغرب الأقصى والجزائر وتونس حيث توفر المناطق الجبلية في هذه البلدان عدة مواقع مناسبة لبناء السدود بأحجام متفاوتة حسب ما تسمح به الظروف الطبيعية. ويمكن التعرف على مدى اهتمام دول المغرب ببناء السدود من خلال هذا الجدول:


السدود بالمغرب العربي

- انشاء البحيرات الجبلية التي تكون طاقة استيعابها أقل من السدود وهي لا تساهم في انتاج الطاقة الكهرومائية وتتوزع هذه البحيرات على أغلب المناطق الجبلية الواقعة شمال المغرب العربي.

- طريقة تعبئة انفردت بها ليبيا وهي تتمثل في نقل المياه الأحفورية من شرق ليبيا ومن منطقة فزان نحو السهول الساحلية على مسافة تتراوح بين 400 و800 كم لتزويد سكان المدن الساحلية بحاجياتهم من مياه الشرب والري. أما في تونس فتنقل مياه السدود من الشمال نحو صفاقس مرورا عبر الوطن القبلي ومنطقة الساحل.

3. مشكل نقص المياه والحلول المتخذة للتخفيف منه:

مع توالي سنوات من الجفاف وازدياد في عدد السكان أصبح مشكل المياه يفرض نفسه في كل دول المغرب العربي وأصبحت كل دولة تبحث عن حل يمكنها من تغطية العجز الحاصل في المياه سواء كان للشرب والاستعمال المنزلي أو للزراعة.

وقد سلكت دول المغرب سياسات تتجه نحو تحلية مياه البحر لتوفير حاجيات المدن من مياه الشرب رغم ارتفاع كلفة محطات تحلية المياه فقد لجأت الجزائر إلى هذا الحل فأصبح لديها منذ 2020 13 محطة لتحلية مياه البحر توفر 2.3 مليون م3 يوميا كما أن المغرب الأقصى برمج لانجاز 20 محطة تحلية مياه البحر لتزويد مدن هامة مثل الدار البيضاء ومراكش بالمياه الصالحة للشرب كما تلجأ تونس إلى هذا الحل في بعض المدن الساحلية مثل جربة وقابس.

كما سلكت دول المغرب سياسات تتجه نحو إعادة استخدام مياه الصرف الصحي بترفيع عدد المحطات المختصة في تنقية المياه المستعملة وتوجيهها للقطاع الزراعي ففي سنة 2020 أصبحت محطات الجزائر قادرة على توفير 1.2 مليار م3 / السنة مما ساعد على تلبية جزء من حاجيات المجال الزراعي.

ويبقى أهم حل تلجأ له دول المغرب هو ترشيد استهلاك الماء واستعمال التقنيات العصرية المعتمدة في الري التكميلي أو الري قطرة قطرة أو غيره من تقنيات الاقتصاد في استهلاك الماء.

رغم الحلول المتخذة من كل دول المغرب العربي فإن معدل الاستهلاك الفردي للمياه في تراجع متواصل مع الازدياد الحاصل في عدد السكان ومع توالي سنوات الجفاف وتتواصل معه الانقطاعات المتكررة للمياه في أغلب المدن المغاربية.

الخاتمة :

إن دول المغرب العربي تحاول كل على حدة إيجاد حلول لمشاكل مرتبطة بمواردها ونادرا ما تتعاون مع بعضها في مجال معين مثل مجال الطاقة أو المياه كما أننا لا نرى مشاريع مشتركة تنجز بين دول المغرب في مجال تعبئة المياه أو غيره. فهل تقدر دول المغرب العربي على دراسة مشاريع مشتركة ذات جدوى يمكن أن تخدم وحدة الإتحاد المغاربي؟


دروس التاريخ

- الدرس 1: الحرب العالمية الأولى الأسباب وأبرز النتائج


- الدرس 2: الحركة الوطنية التونسية في العشرينات


- الدرس 3: الحركة الوطنية التونسية في الثلاثينات


- الدرس 4: أسباب الحرب العالمية الثانية


- الدرس 5: نتائج الحرب العالمية الثانية


- الدرس 6: الحرب الباردة


- الدرس 7: تحرر الشعوب المستعمرة


- الدرس 8: القضية الفلسطينية


- الدرس 9: الحركة الوطنية التونسية من 1945 إلى 1956


- الدرس 10: تونس من 1956 إلى 1987


- الدرس 11: الحركة الوطنية الجزائرية


- الدرس 12: الحركة الوطنية المغربية


- الدرس 13: الحركة الوطنية الليبية