الدرس 4: أسباب الحرب العالمية الثانية

المقدمة:

بعد 20 سنة من انتهاء الحرب العالمية الأولى وإبرام مؤتمر الصلح في باريس سنة 1919 خاض العالم حربا ثانية دامت من سبتمبر 1939 ألى أوت 1945. فما هي أسباب هذه الحرب؟


أهمّ تطوّرات الأحداث قبيل اندلاع الحرب العالميّة الثانية

I- الأسباب العميقة للحرب العالمية الثانية :

1. تعميق الأزمة الاقتصادية العالمية لآثار الحرب العالمية الأولى:

- كانت ألمانيا أكثر الدول تضررا من آثار الحرب العالمية الأولى وخاصة من قسوة معاهدة فرساي، فقد فقدت بمقتضاها أجزاء هامة من ترابها وتشتت الشعب الألماني كما فرضت عليها تعويضات مجحفة بقي منها سنة 1929 39 مليار مارك.

- فرضت الأزمة الاقتصادية موازنات جديدة فقد انطلقت هذه الأزمـة مـن الولايـات المتحدة الأمـريكية يـوم 24 أكتـوبـر 1929 اثـر انهيـار بـورصة وال ستريت ووصلت آثارها المباشرة إلى الدول الأوروبية مع بداية الثلاثينات.

- للتخفيف من حدة الأزمة وحماية مصالحها المالية لجـأت البنـوك الأمـريكية والأجنبية إلى سحب استثمـاراتها المـالية مـن ألمـانيا التي أصبحت عـاجزة عن مواصلة دفع تعويضات الحرب فقررت في مؤتمر لوزان (جوان – جويليا 1932) التخلي عن دفعها للحلفاء.

- كـانت هذه التعويضـات مصدر التمـويل الرئيسي الذي اعتمدته الدول الأوروبية لتسديد ديـون الحـرب للولايـات المتحدة الأمريكية فتخلت بدورها عن تسديد تلك الديون.

لقد وفرت الأسباب العميقة الظروف الملائمة لقيام الحرب وما كان اغتيال ولي العهد النمساوي إلا مؤشرا على قرب انطلاقها بحكم التحالفات القائمة بين الدول وخاصة الأوروبية وقد دامت هذه الحرب من سنة 1914 إلى 1918 وخلفت نتائج عديدة.

2. اضطراب العلاقات الدولية:

- ظهور أنظمة كليانية (دكتاتورية) في كل من إيطاليا (موسوليني) وألمانيا (هتلر) تجعل مصلحة الأمة هي العليا.

- لجوء الدّول الفقيرة (الدكتاتوريات) إلى التسلح كسياسة اقتصادية لاستيعاب العاطلين عن العمل ففي سنة 1939 أصبح الجيش الألماني يعد 1.5 مليون مجند في حين اقتصر الجيش الفرنسي على 650 ألف منهم 200 ألف موزعين على المستعمرات كما لجأت إلى تطوير التجهيزات الحربية مثل تطوير ألمانيا لأسطولها البحري وخاصة الغواصات.

- شعور الديمقراطيات (فرنسا – بريطانيا) بخطورة الوضع السياسي إلا أنها انشغلت بحل مشاكلها الداخلية التي تسببت فيها الأزمة الاقتصادية فاكتفت فرنسا مثلا بإقامة خط دفاعي (ماجينو) على حدودها الشرقية أما انقلترا فلن تلجأ للتسلح إلا سنة 1937.

- أمـام صمت وانشغال الديمقراطيـات وخـاصة ضعف جمعية الأمم سلكت "الدول الفقيرة" سيـاسة التـوسع لتحقيق المجال الحيوي وانسحابها من جمعية الأمم.


توسّعات اليابان شرق آسيا قبيل الحرب العالميّة الثانية
التوسّعات الإيطاليّة قبيل الحرب العالميّة الثانية

ويمكن تلخيص هذه التوسعات من خلال هذا الجدول:


توسّعات اليابان وألمانيا وإيطاليا قبيل الحرب العالميّة الثانية

كما لجأت هذه الدول إلى عقد تحـالفات فيما بينها أولها التحالف بين ألمـانيا وإيطاليا " محور روما - برلين " في نوفمبر 1936. كما وقعت ألمانيا مع اليابان حلفا مضادا للشيوعية في نوفمبر 1936 انضمت له إيطاليا والمجر وإسبانيا سنة 1937. كما دعمت إيطاليا وألمانيا فرنكو في اسبانيا فمكنته من الانتصار على الجبهة الشعبية في أوت 1937.

II- الأسباب المباشرة للحرب العالمية الثانية: توسعات هتلر في أوروبا الوسطى

1. توسعات لم تعترض عليها فرنسا وإنقلترا:


توسّعات هتلر في أوروبا الوسطى

- رأت ألمانيا في النمسا منطقة خصبة قريبة يمكن أن تزودها بحاجياتها الفلاحية فاستعانت بالنازيين الموجودين فيها لدخولها في فيفري 1938 واتمام ضمها في 13 مارس. وقد أقنعت الدول الديمقراطية بهذا الاحتلال بدعوى الاستجابة لمطالب الشعب النمساوي.

- كانت تشيكوسلوفاكيا الهدف الثاني حيث طالب هتلر بضم منطقة السودات التي تضم حوالي 3 ملايين ألماني وأمام رفض التشيكيين لهذا الطلب عقد مؤتمر مونيخ (29 – 30 سبتمبر 1938) الذي استضافت فيه ألمانيا فرنسا وانقلترا وإيطاليا وحظيت بموافقة فرنسية وانقليزية على ضم منطقة السودات لكن ألمانيا لم تقتصر عليها بل فرضت الحماية على كامل تشيكيا.

- وفي مارس 1939 احتل منطقة ميمل ( بروسيا الشرقية) التي كانت تابعة لألمانيا قبل الحرب العالمية الأولى.

إلى جانب انشغالها بمشاكلها الداخلية حاولت الدول الديمقراطية تجنب الصدام مع ألمانيا وربما ترى بعض الشرعية في مطالب هتلر وتحديدا ألمانيا التي ترزح تحت ثقل ديمغرافي هائل.

2. توسعات اعترضت عليها الدول الديمقراطية:

- طالب هتلر بمنطقة دانتزيغ التي كانت تابعة لألمانيا قبل الحرب العالمية الأولى وأصبحت ممرا لبولونيا نحو بحر البلطيق لكن هذا الطلب لقي اعتراضا شديدا من فرنسا وانقلترا وبعض دول البلطيق .

عقد الحلف الفولاذي مع إيطاليا في ماي 1939 ويفهم منه أن ألمانيا أصبحت مستعدة لخوض حرب ضد الديمقراطيات ولضمان عدم تدخل الاتحاد السوفياتي عقدت معه اتفاقية عدم اعتداء في أوت 1939.

- يوم 1 سبتمبر 1939 هاجمت القوات الألمانية بولونيا فلم تتردد فرنسا وانقلترا سوى يومين لإعلان الحرب على ألمانيا أي يوم 3 سبتمبر 1939.

أخيرا اقتنعت الدول الديمقراطية أن توسعات هتلر في أوروبا لن تتوقف ما دام لم يجد أمامه قوة تردعه عن ذلك.

الخاتمة :

لقد اعتبرت ألمانيا التسلح والحرب حلا لمشاكلها بعد الحرب العالمية الأولى في حين أرادت الدول الديمقراطية الأوروبية الحفاظ على بعض التوازنات التي فرضتها الدول المنتصرة في مؤتمر الصلح بباريس سنة 1919. فهل تتمكن من الانتصار ثانية على ألمانيا وحليفيها إيطاليا واليابان؟ وكيف ستتحمل البشرية دمار أسلحة بحرية وجوية لم تعهدها في الحرب العالمية الأولى؟


دروس الجغرافيا

- الدرس 1: الوسط الطّبيعي بالمغرب العربي المزايا والضغوطات


- الدرس 2: الموارد الطّبيعيّة بالمغرب العربي


- الدرس 3: السكان والتنمية البشرية بالمغرب العربي


- الدرس 4: التنمية الاقتصادية بالمغرب العربي


- الدرس 5 : السكّان بالبلاد التونسيّة


- الدرس 6: التنمية الفلاحيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 7: التنمية الصناعيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 8: التنمية السّياحيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 9: تنمية التجارة الخارجيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 10: حصيلة التنمية بالبلاد التونسية