الدرس 11: الحركة الوطنية الجزائرية
عناصر الدرس:
I- تجذر العمل الوطني وفشل المساعي السياسية بين 1943 و1945:
1- ظرفية عالمية ووطنية ملائمة للعمل الوطني:
2- النشاط الوطني خلال الحرب العالمية الثانية:
3- أحداث ماي 1945 و ردود الفعل الفرنسية والجزائرية:
II- الثورة المسلحة وانتزاع الاستقلال:
1- انطلاق الثورة المسلحة الجزائرية:
منذ احتلال الجزائر سنة 1830 تعددت المحاولات العسكرية للتصدي له أبرزها كانت بقيادة الأمير عبد القادر لكنها فشلت في اجلاء الفرنسيين عن أرضهم ولم تتحول هذه المقاومة المسلحة إلى مقاومة سياسية إلا بعد الحرب العالمية الأولى حيث نظم الوطنيون مؤسساتهم السياسية والنقابية وحددوا مطالبهم من السلط الفرنسية وقد أوجدت الحرب العالمية الثانية ظرفية جديدة عالمية ووطنية دفعت الوطنيين الجزائريين لتغيير طريقة كفاحهم للاستعمار الفرنسي. فما هي هذه الظرفية الجديدة؟ وكيف سيقرر الوطنيون الجزائريون العودة للكفاح المسلح؟
I- تجذر العمل الوطني وفشل المساعي السياسية بين 1943 و1945:
1. ظرفية عالمية ووطنية ملائمة للعمل الوطني:
منذ انهزام فرنسا أمام ألمانيا سنة 1940 فهم الجزائريون أن الجيش الفرنسي يمكن أن يقهر وتأكدوا من ضعف الفرنسيين لما قام الأمريكيون والإنجليز بعمليات انزال في نوفمبر 1942 لمساعدة الفرنسيين ضد الألمان وقد احتاجت فرنسا لتعبئة مقاتلين جزائريين فاستغل الوطنيون الفرصة لتقديم مطالبهم إلى السلط الفرنسية خاصة أن الجزائريين كانوا يعانون من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة جدا دون اعتبار حقوقهم السياسية المهضومة.
2. النشاط الوطني خلال الحرب العالمية الثانية:
أصدرت القوى الوطنية بقيادة فرحات عباس" بيان الشعب الجزائري " يوم 10 فيفري 1943 والذي تضمن أساسا:
- - الغاء النظام الاستعماري
- - تشريك الجزائريين في حكم بلادهم
- - اعلان دستور يضمن الحريات والمساواة بين الجنسيات
رفض الحاكم العام هذه المطالب إلا أن الجنرال ديغول اقترح منح المواطنة لعدد محدود من الجزائريين يسمح لهم بممارسة النشاط السياسي لكن الوطنيين رفضوا هذا الاقتراح واعتبروه خطوة نحو الادماج.
3. أحداث ماي 1945 و ردود الفعل الفرنسية والجزائرية:
- مع نهاية الحرب العالمية الثانية كثف الوطنيون نشاطهم فلجأت السلط الفرنسية إلى نفي زعيم "حزب الشعب الجزائري" مصالي الحاج في أفريل 1945 مما تسبب في قيام عدة مظاهرات في عدة مناطق من البلاد وخاصة شرقي الجزائر تم قمعها بشدة كما تمت محاكمة العديدين وحل الأحزاب السياسية.
- أثبتت هذه الأحداث استعداد الجزائريين للتضحية في سبيل استقلال وطنهم.
- أمام تشبث فرنسا بالجزائر لجأت إلى تهدئة الأوضاع بإعلان عفو عام تلته بعض الاصلاحات أبرزها اصدار القانون الأساسي للجزائر.
- استغل قادة الحركة الوطنية العفو العام للعودة إلى نشاطهم السياسي مع اتخاذ اجراءات جديدة تتمثل أساسا في اللجوء إلى العمل السري في "المنظمة الخاصة" التابعة لـ"حركة انتصار الحريات الديمقراطية" التي يقودها مصالي الحاج وتدعو هذه المنظمة للثورة المسلحة أما فرحات عباس فقد كون حزبا جديدا" الإتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري" الذي يعمل بترخيص من السلط الفرنسية.
II- الثورة المسلحة وانتزاع الاستقلال:
1. انطلاق الثورة المسلحة الجزائرية:
- كانت سنة 1954 حاسمة في تاريخ بلدان المغرب العربي فبعد هزيمة فرنسا في الهند الصينية وشروعها في اجراءات منح الاستقلال الداخلي لكل من تونس والمغرب الأقصى وجد الوطنيون الجزائريون الظرفية ملائمة للمطالبة باستقلال بلدهم .
- منذ 23 مارس 1954 تأسست "اللجنة الثورية للاتحاد والعمل"للإعداد للثورة المسلحة التي حدد يوم 1 نوفمبر تاريخ انطلاقها وقد تولت "جبهة التحرير الوطني" تقسيم البلاد إلى 6 ولايات يترأسها مسؤول من الجبهة كما تم تكوين جيش التحرير الذي ارتفع عدد المنخرطين فيه من قدماء المقاتلين الفارين من الجيش الفرنسي أو المنخرطين من الأوساط الشعبية إلى 100 ألف مقاتل سنة 1958 وكانوا يستعينون بقربهم من الحدود التونسية أو المغربية للقيام بتدريباتهم والحصول على بعض حاجياتهم القتالية.
2. السياسة الفرنسية تجاه الثورة الجزائرية:
مرّت السياسة الفرنسية تجاه الثورة الجزائرية بمرحلتين:
- في المرحلة الأولى أرادت فرنسا التمسك بالجزائر واعتبارها جزءا من فرنسا بحكم أقدمية استعمارها على تونس والمغرب الأقصى فقد صرح منداس فرانس في 12 نوفمبر 1954 " الجزائر هي فرنسا وليست بلدا أجنبيا تحت حمايتنا" لذلك اعتبرت الثورة الجزائرية تمردا داخليا سخرت له 400 ألف مقاتل منذ 1956 مجهزين بأحدث الأسلحة وأكثرها فتكا وقد حرصت على التنكيل بالمقاومين الجزائريين كلما نجحت في القبض على مجموعة منهم إلا أن هذه السياسة بدل أن تكسب بها دعم الفرنسيين لقيت معارضة منهم وأثارت الرأي العام العالمي ضدها خاصة بعد أحداث ساقية سيدي يوسف يوم 8 فيفري 1958 والتي قدمت تونس بسببها شكوى لمنظمة الأمم المتحدة يوم 14 فيفري فدعمت قرار مؤتمر باندونغ ادراج القضية الجزائرية ضمن جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ سبتمبر 1955.
اضطرت فرنسا للتخلي عن الحل العسكري لمواجهة الثورة الجزائرية واعتماد حل سياسي.
- في المرحلة الثانية وجدت فرنسا نفسها محرجة أمام اعتراف العديد من الدول بالحكومة المؤقتة التي ترأسها فرحات عباس منذ سنة 1958 وأصبحت تمثل الشعب الجزائري في الهيئات الدولية وقد انتظر الجزائريون عودة شارل ديغول الى السلطة للشروع في مفاوضات الاستقلال التي انطلقت في إيفيان يوم 20 ماي سنة 1961 وتواصلت إلى يوم 18 مارس 1962 بقرار وقف القتال وإجراء استفتاءين في كل من فرنسا والجزائر وإذا كان الفرنسيون وافقوا على الاتفاقات المبرمة في إيفيان فإن الشعب الجزائري قد أجمع في استفتاء يوم 1 جويليا 1962 على الاستقلال التام عن فرنسا.
تم اعلان استقلال الجزائر يوم 3 جويليا 1962 فوضع حدا لفترة قاسية من الاستعمار الفرنسي دامت 132 سنة لم تتوقف خلالها مقاومة هذا الاستعمار وقدم خلالها الشعب مئات الآلاف من الشهداء. فما هي السياسة التي سلكتها الدولة الجزائرية لبناء اقتصادها ومجتمعها؟