الدرس 7: التطور السياسي بالإيالة التونسية من القرن 16 إلى القرن 18
عناصر الدرس:
I- التحولات السياسية بالبلاد التونسية من انتصاب العثمانيين إلى نهاية ق18:
1- استيلاء العثمانيين على البلاد التونسية:
2- ثورة الإنكشارية ووصول الدايات إلى الحكم:
II- النهضة الاقتصادية والعمرانية والفكرية في عهد حمودة باشا الحسيني:
بعد تنافس حاد بين الأتراك والإسبان على البلاد التونسية تمكن العثمانيون من الاستيلاء عليها سنة 1574 وقد شهدت بلادنا تطورا سياسيا حوّلها من ولاية عثمانية إلى دولة قطريّة. فما هي التحولات السياسية بالبلاد التونسية من انتصاب العثمانيين إلى نهاية ق 18 ؟ وما هي أهم مظاهر النهضة الاقتصادية والعمرانية والفكرية في عهد حمودة باشا الحسيني ؟
I- التحولات السياسية بالبلاد التونسية من انتصاب العثمانيين إلى نهاية ق18:
1. استيلاء العثمانيين على البلاد التونسية:
- قاد سينان باشا أسطولا حربيا انتصر به على الإسبان والحفصيين سنة 1574 م / 981 هـ وقبل مغادرة الإيالة التونسية ترك قوة عسكرية من الجيش الإنكشاري تعد 4000 جندي وتنظيما إداريا جديدا:
التنظيم الإداري العثماني في الإيالة التونسية
- إلا أن البــاشــاوات فشلــوا فــي بســط نفوذهم على البلاد وهو ما يفسر قصر فترة حكمهم.
2. ثورة الإنكشارية ووصول الدايات إلى الحكم:
- انتهت فترة الباشاوات بثورة قادها الدايات ضد كبار القادة العسكريين المساعدين للباشا وقضائهم عليهم خلال اجتماع الديوان في أكتوبر1591.
حكم الدايات شوريا لمدة 3 سنوات حيث تمكن أحدهم وهو عثمان داي من الانفراد بالسلطة .
- شهد عهد عثمان داي تدفق المهاجرين الأندلسيين الذين ساهموا في تنمية اقتصاد البلاد إلا أن عثمان داي لم يركز حكما وراثيا.
بداية بروز البايات المراديين منذ 1631
- كان مراد كورسو أول البايات المراديين المشرّفين بلقب باشا سنة1631 فقد أهلته وظيفته (باي المحلة منذ 1613) من احكام قبضته على كامل البلاد. وبتكليفه ابنه حمودة باشا بهذه المهمة في نفس السنة يكون مراد باي قد وضع أسس نظام حكم وراثي.
- استعان المراديون بأهالي البلاد في التنظيمات العسكرية ( عسكر زواوة أو الصبايحية ) والإدارية خاصة على مستوى الجهات.
- تسبب الصراع على الحكم بين المراديين في نهاية القرن 17 في ازدياد تدخل أتراك الجزائر في شؤون البلاد التونسية إلى أن اغتال إبراهيم الشريف مراد الثالث سنة 1702. .
- تولى حسين بن علي حكم البلاد إثر أسر داي الجزائر لإبراهيم الشريف سنة 1705. فبادر بطرد الجزائريين وإعادة الأمن والاستقرار إليها وتشريك الجميع ( أتراك وتونسيين وكراغلة ) في الوظائف والامتيازات.
- عانت البلاد في عهده من أزمة حادة ( 1728 – 1740) تتمثل في الفتنة بين الحسينية والباشية إثر تراجع حسين بن علي عن ولاية العهد لابن أخيه علي باشا ومنحها لابنه محمد. وبمساندة من الجزائر تمكن علي باشا من افتكاك الحكم من عمه لكن ابني عمه استرجعاه بعد وفاته سنة 1756 بمساعدة الجزائر.
تراجع استقرار البلاد وازدهارها خلال هذه الفترة وازدياد التدخلات الخارجية خاصة الجزائرية.
II- النهضة الاقتصادية والعمرانية والفكرية في عهد حمودة باشا الحسيني:
- دامت فترة حكم حمودة باشا بن علي بن حسين بن علي من 1782 إلى 1814 وتميزت بنهضة شاملة ساعدت عليها سياسته الداخلية التي واصل فيها سياسة الحسينيين في تقليص دور الأتراك كما سلك سياسة حازمة تجاه العمال والقبائل للتحكم أكثر في مداخيل الدولة.
- على المستوى الخارجي كانت سياسته أيضا حازمة فقد تخلص من الهيمنة السياسية والاقتصادية الجزائرية واستعمل القوة العسكرية ضدهم منذ 1807. وفي ليبيا أعاد القرمنليين إلى الحكم رغم أن القرصان الذي احتل طرابلس يسانده العثمانيون وفي ذلك تأكيد على استقلالية تونس تجاه السلطة المركزية العثمانية التي بدأت تضعف خلال هذه الفترة لكن علاقتهما بقيت شرفية دينية. أما علاقته بالأوروبيين فكانت تحكمها بعض الظروف فقد اضطر للضغط على البنادقة ليدفعوا تعويضات للتجار التونسيين كما نقض الصلح مع فرنسا إثر حملتها على مصر ثم أعاد العلاقات بينهما سنة 1802.
ساعدت هذه السياسة على فرض استقلالية البلاد التونسية وعلى ازدهارها الاقتصادي وبالتالي العمراني والفكري.
2. النهضة الاقتصادية والعمرانية والفكرية:
- ساعد توفر الأمن والتشجيعات التي قدمها حمودة باشا على ازدهار الفلاحة والحرف مستفيدة من سياسة التعمير التي سلكها الباي خلال هذه الفترة فقد ازدهرت المبادلات الداخلية والخارجية بفضل توفر الإنتاج وتنوعه كما استغلت الحرب الأوروبية لترويج المنتوجات التونسية ( القمح- زيت الزيتون... ) ولم يعد هذا النشاط حكرا على الأوروبيين خاصة بعد إبرام العديد من المعاهدات التجارية مع بلدان أوروبية منها فرنسا سنة 1802.
- تزامن النمو الاقتصادي مع حركة تعمير شملت كل أصناف العمارة:
- وقد تأثرت هذه الحركة بفن العمارة الفرنسي والإيطالي إلى جانب فن العمارة الإسلامي ( تركي –أندلسي – مغربي)
- كما نشط المجال الفكري وركز على الجوامع وبعض المدارس مثل مدرسة يوسف صاحب الطابع وبرز العديد من العلماء في المجال الديني مثل إبراهيم الرياحي ومحمد الفاسي وإسماعيل التميمي وقد حرص حمودة باشا على توفير الظروف الملائمة لتطور النشاط التعليمي( تشجيعات مالية - توفير الكتب ...).
بعد فشل الأتراك العثمانيين في التحكم في السلطة في تونس شهدت البلاد عدة تطورات إلى أن حققت استقرارها واستقلاليتها في نهاية القرن 18 وبداية ق 19. فهل تتمكن من الحفاظ على هذا الامتياز؟